يبدو أن قضاء وقت طويل في الفضاء يسبب تلفا في الدماغ، وفقا لأول “دليل ملموس” توصلت إليه دراسة حديثة على رواد الفضاء.
وراقب العلماء في جامعة غوتنبرغ خمسة رواد فضاء روس مكثوا في محطة الفضاء الدولية (ISS) لمدة 169 يوما في المتوسط.
وأخذ عينات الدم قبل انطلاق الرواد إلى الفضاء، ثم بمجرد عودتهم إلى الأرض، ما سمح للعلماء بقياس خمس مؤشرات حيوية لتلف الدماغ.
وأظهرت النتائج أن ثلاثة من العلامات أصبحت أكثر ارتفاعا بعد مكوث رواد الفضاء الطويل في الفضاء.
وقال هنريك زيتربرغ، أستاذ علم الأعصاب وأحد مؤلفي الدراسة الرئيسيين، في بيان: “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توثيق دليل ملموس على تلف خلايا الدماغ في اختبارات الدم بعد الرحلات الفضائية. ويجب استكشاف هذا الأمر بشكل أكبر ومنعه إذا كان السفر إلى الفضاء سيصبح أكثر شيوعا في المستقبل”.
وأخذت عينات الدم من رواد الفضاء قبل وبعد المهام على محطة الفضاء الدولية من 2016 إلى 2020، بمتوسط مدة لا تزيد عن 169 يوما (نحو خمسة أشهر ونصف الشهر). وكان متوسط عمر المشاركين 49 عاما.
وتضمنت المؤشرات الحيوية الخمسة التي وقع تحليلها: ضوء الخيوط العصبية (NFL)، البروتين الحمضي الليفي الدبقي (GFAP)، إجمالي تاو (T-tau)، واثنين من بروتينات أميلويد بيتا.
ووجدت النتائج أنه في ثلاثة من المرقمات الحيويةNFL ، GFAP وبروتين بيتا أميلويد Aβ40، ارتفعت التركيزات بشكل ملحوظ بعد الإقامة في الفضاء.
ولم تحدث قراءات الذروة في وقت واحد بعد عودة الرواد إلى الأرض، حيث حدث بعضها في اليوم الأول، بينما البعض الآخر في اليوم 25 بعد الهبوط.
ومع ذلك، لاحظ العلماء أن اتجاهات المؤشرات الحيوية الخاصة بهم تم حسابها على نطاق واسع بمرور الوقت.
وتشير النتائج، وفقا للدراسة التي نُشرت في مجلة JAMA Neurology، إلى أن هناك تحولا في السوائل في الدماغ بينما يقضي الرواد وقتا في الفضاء، وربما يكون قد أثر على الحاجز الدموي الدماغي.
ويشار إلى أن دراسة مدعومة من وكالة ناسا، صدرت في عام 2019، نظرت في تأثيرات السفر إلى الفضاء على الدماغ البشري.
وكشفت عمليات مسح دماغ رواد الفضاء قبل وبعد رحلات الفضاء عن تغييرات مرتبطة عادة بالعمليات طويلة المدى مثل الشيخوخة، بما في ذلك التدهور في المناطق المسؤولة عن الحركة ومعالجة المعلومات الحسية.
ومع ذلك، تشير النتائج أيضا إلى أن دماغ رائد الفضاء قد يكون قادرا على التكيف مع هذه التغييرات بمرور الوقت.
وقالت راشيل سيدلر، الأستاذة بكلية الصحة والأداء البشري بجامعة فلوريدا: “إننا نعلم أن السائل يتحول نحو الرأس في الفضاء. وعندما ترى صورا ومقاطع فيديو لرواد الفضاء، غالبا ما تبدو وجوههم منتفخة، لأن الجاذبية لا تسحب السوائل إلى الجسم”.
وبحسب الدراسة الجديدة، تؤثر رحلات الفضاء بشكل مباشر على المادة البيضاء في الدماغ في المناطق التي تتحكم في الحركة وتعالج المعلومات الحسية.
ووجد الفريق أن رحلات الفضاء تتسبب في تجمع السوائل حول الدماغ عند قاعدة المخ، كما لو أن الدماغ “يطفو أعلى” في الجمجمة.
ويمكن أن يلعب هذا دورا رئيسيا في حالة تسمى متلازمة العين العصبية المرتبطة برحلة الفضاء، والتي تسبب تغيرات بصرية وتسطيح الجزء الخلفي من العين.
لكن العلماء يقولون إن مشاكل المادة البيضاء لا تبدو دائمة. وعادة ما تُصلح هذه التغييرات نفسها في غضون أسابيع بعد عودة رواد الفضاء إلى الأرض. ومع ذلك، قد تستمر بعض التغييرات لأشهر.
Discussion about this post