نص فخاري مكتشف من مدينة أوغاريت.. ترجمته تصف لنا تعويذة للشفاء من الادمان على شرب الخمر…
عاشت أوغاريت خلال القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م في أوج عزها وازدهارها . وكانت محور
وعاصمة التجارة العالمية آنذاك البرية منها والبحرية ومركز الاشعاع الثقافي الذي جمع في طياته جميع الاتجاهات الثقافية المختلفة لمناطق شرق المتوسط وآسيا وصولاً الى مصر , وفي مينائها » مينة البيضا « كانت ترسو سفن ثلاث قارات . وبالرغم من كثرة ووفرة الوثائق وتنوع المصادر التاريخية فإن تاريخ كتابة تاريخ هذه المنطقة شبيه بأحجار الفسيفساء الصغيرة التي تحتاج إلى الكثير من العمل والصبر للحصول على اللوحة النهائية. وأثناء الحملة التنقيبية للبعثة الأثرية العاملة في رأس الشمرة في عام / 1961/م عثرت البعثة المنقبة على لوح من الفخار وهو محفوظ في المتحف الوطني بدمشق, والنص مكتوب على وجهي اللوح الفخاري ويصف الوجه الأول منه – يعتقد بأنها مقدمة النص – مأدبة الآلهة لدى كبيرهم » ايل « يلعب إله القمر » جيراخ « الدور الرئيسي في هذه المأدبة . فهو يزحف تحت الكرسي من إله الى إله ليتلقى منهم اللحم والشراب ثم يأتي وصف عناية عناة وعشيرة ب » إيل « الذي شرب الكثير من الخمر حتى شارف على الموت , لكن للأسف الشديد فإن بداية الوجه الثاني من اللوح الفخاري مشوهة لدرجة لم تسمح لنا بتفسير طريقة شفاء» ايل «. يقول النص : »إيل يقيم مأدبة في بيته
هو حضّر وليمة في وسط قصره هو نادى الآلهة من أجل تقسيم اللحم ..
لكن إيل يجلس هنا وهو حقاً سكران
إيل يجلس في مأدبته هو ايل يشرب حتى الشبع عصير العنب
حتى السكر ايل يذهب الى بيته هو يدخل الى ساحته..
هم يحملونه » شاكونان – شانام «وهم من الآلهة الثانوية
التي تقوم بالخدمة والمساعدة« يطارده » خاباي « » يُعتقد أنه الشيطان
« الذي بقرون وذيل دحرجه ايل يسقط كالميت.
ايل كان مثل أولئك الذين يهبطون الى العالم الأسفل..
عناة وعشيرة تطوفان » عبر البراري والسهول
« هما عناة وعشيرة تصعدان سبع هضاب وهنا تتمة النص غير واضحة بسبب تشوه بداية الوجه الخلفي من اللوح الفخاري… عشيرة وعناة تعيدان لإيل وعيه وقوته بمساعدتهم
قد يكون المقصود هنا هو بمساعدته بالأعشاب الطبية التي قامت عشيرة وعنّاة بجمعها .
« عندما شفي منهنّ كان هذا هو الخليط.
هذا هو الذي يضعه المرء على صدغه وعلى بطنه..
يجب أن يوضع في الوقت نفسه يستخدم المرء زيت زيتون طازج ,
انتهى , والنص مشوه كما ذكرنا في الوجه الثاني. هذه هي أوغاريت التي لا تزال تنتظر من يعطيها موقعها الحقيقي . . ونحن نقول إن ذكر تاريخ مدينة أوغاريت سيبقى مزدهراً خالداً وسنبقى نقدم كل الشكر لسكان أوغاريت القدماء على انجازاتهم العظيمة وعلى المجهود الذي قدموه من أجل بناء الحضارة الانسانية والمعرفية.
عاشق اوغاريت ..غسّان القيّم